في السنوات الأخيرة الماضية، انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحديات تناول طعام تدعى موكبانغ mukbang، وهي عبارة عن تحدٍ يقوم خلاله الشخص بتناول كميات هائلة وكبيرة من الطعام أمام الكاميرا، ويقوم بذلك بشراهة كبيرة، وفي بعض الأحيان يقوم أصحاب البث بإعداد الطعام أمام جماهيرهم قبل البدء في التهامه، وخلال تناوله للطعام يتفاعل معه المتابعون.
** تجنبي هذه الأخطاء التي تمنعكِ من خسارة الوزن
كميات طعام هائلة وأجساد نحيفة..؟؟!
في البداية، لا بد لنا أن نعرف بأن هذه التحديات الغريبة والمنتشرة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يتناول الشخص خلالها ما لا يقل عن الـ 4000 إلى 5000 سعرة حرارية خلال الوجبة الواحدة، ولكن الغريب في الأمر أن معظم هؤلاء الذين يقومون بهذه التحديات –تحديداً الموكبانغ mukbang- يتمتعون بالرشاقة والنحافة، الأمر الذي أثار حيرة متابعيهم، إذ كيف يتناولون كل هذا الطعام دون أن يصابوا بالبدانة.
من كوريا الجنوبية بدأ كل شيء..؟
بدأت هذه التحديات أول الأمر من كوريا الجنوبية، وكلمة موكبانغ في الكورية عبارة عن كلمتين (أكل، وبث مرئي وسمعي) أي أن معنى الكلمة اصطلاحاً هو تناول الطعام أمام الشاشة. وبعض الخبراء والمتابعين لهذه التحديات، يعتقدون بأنها تؤدي إلى ما يُسمى "النشوة الدماغية"، أي أنها تعمل على خداع أدمغتنا وإعطائها نوع من النشوة والاسترخاء وتُقلل حالات الإجهاد في بعض الأحيان.
كيف بدأت تحديات طعام mukbang..؟
بحسب مصادر مختلفة، فإن تحديات الموكبانغ بدأت أول الأمر في كوريا الجنوبية خلال العام 2010، بدأها شباب وفتيات من باب التسلية وجمع المتابعين، فكانوا يأكلون أثناء بث فيديو أنواع مختلفة من الأطعمة، ومع الوقت أصبحت هذه المقاطع المصورة تدرُّ المال على أصحابها، الأمر الذي دفع بهم إلى تناول كميات أكبر من الطعام حتى يكسبوا المزيد من المال، إذ أن بعض مشاهير هذه التحديات قد تصل أرباحه إلى قرابة الـ10 آلاف دولار في الشهر الواحد، وكان فتى كوري يبلغ من العمر 14 عاماً فقط، قد نجح في كسب ما يزيد عن الـ15 ألف دولار في ليلة واحدة فقط خلال تحدي الموكبانغ، حيث أنه بمقدور جماهير ومشاهير هذا التحدي، إهداء صاحب البث نقاطاً على شكل بالونات تبلغ قيمة كل منها 10 سنتات. ولم تأخذ هذه التحديات وقتاً طويلاً حتى بدأت بالانتشار في البلدان الأجنبية والعربية.
الأمر أكثر من كونه تناول طعام..
يتعدى الأمر عند هؤلاء الأشخاص تناول الطعام فقط، إذ أنهم يستخدمون مكبرات صوت حساسة للغاية "مايك"، حتى يسمع متابعوهم أصوات المضغ والأكل، وهذا ما يسمونه "النشوة الدماغية"، التي أصبحت تجربة حسية منتشرة للغاية بأشكال مختلفة من بينها تحديات الموكبانغ، وهذه التجربة الحسية تُعرف بـ"إيه إس إم آر" أو (ASMR).
أما بالنسبة إلى "إيه إس إم آر" أو الـ (ASMR) فهذه الحروف هي اختصار لمصطلح Autonomous sensory meridian response أي (الاستجابة الزوالية الحسية الذاتية) والسبب من ورائها محفزات بصرية أو حسية أو سمعية قادرة على صنع ردة فعل جسدية على هيئة شعور بالحكة أو الدغدغة أو القشعريرة في فروة الرأس ما يعطى شعور بالراحة والاسترخاء.
انتشار الموكبانغ بكثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي..
الاعتقاد السائد وراء أسباب انتشار الموكبانغ في كوريا الجنوبية بهذا الشكل الكبير، أن الكوريين الجنوبيين يعيشون في عزلة هائلة في مجتمعاتهم، فأصبح مشاهدة هذه التحديات بالنسبة لهم مؤنساً لوحدتهم وينسيهم شعورهم بالوحدة والعزلة، خاصة بأن مقاطع الفيديو هذه تتميز بكونها تفاعلية جداً. ومن الأمثلة على ذلك، ما كانت قد صرحت به الصينية "مي زيجون" إحدى نجوم الموكبانغ، والتي يتابعها أكثر من 4 ملايين ونصف شخص على موقع ويبو weibo الصيني، أنه يصلها دائماً رسائل من المعجبين يشكروها لأنها تشاركهم وقتها في تناول الطعام. ومن الجدير بالذكر أن مصادر الدخل الرئيسية لمشاهير الموكبانغ تأتيهم من "مكافآت" من المعجبين خلال وقتهم من البث المباشر.
الجانب المُظلم من الموكبانغ..
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي نيوز BBC News، فإن تحديات الموكبانغ إلى جانب النشوة الدماغية التي يطلبها الأشخاص، وتقليل الشعور بالوحدة والعزلة عند أشخاص آخرين، إلى أن لها جانباً مُظلماً، وهو أن هذه الفيديوهات التي فيها إفراط بشكل كبير بتناول الطعام، قد تدفع بمن يعتاد مشاهدتها إلى فعل الأمر نفسه وتقليدها، ما ينشر عادات غير صحية وضارة بتناول الطعام.
رغم كميات الطعام الهائلة.. مشاهير الموكبانغ يتمتعون بالرشاقة
من الأمور التي أثارت جدلاً واسعاً حول مشاهير الموكبانغ، أن الغالبية العظمى منهم يتمتعون بالرشاقة والنحافة، على الرغم من عادات الأكل الضارة جداً التي يتَّبعونها، وتعليقاً على هذا الأمر، يقول "بانز"، أحد مشاهير هذه التحديات والذي يتابعه الملايين على يوتيوب، أنه يمارس الرياضة بشكل دائم ومنتظم، على الرغم من أن الرياضة قد لا تفيد دائماً من أضرار عادات الأكل السيئة في الموكبانغ.
أما "شوجي shoogi" إحدى نجمات هذا التحدي، فصرحت أنها تعتمد أسلوب "تقيؤ الطعام"، وهو أمر شائع في عالم عارضات الأزياء وبعض المصابين بفوبيا البدانة، يقومون بتقيؤ الطعام بعد تناوله مباشرة حتى يحافظوا على رشاقتهم.
أضف تعليق