ربما سمعت بالمثل القديم "ماذا تأكل.. أعرف منْ أنت". ورغم أن طفلك لن يتحول حرفياً إلى تناول سلطة فواكة أو رغيف خبز بالثوم، فإن الخيارات الغذائية التي يتخذها (والتي تتخذينها أنت من أجله) لها تأثير حقيقي للغاية على صحته ونموه، حيث يمكن أن تستمر عادات الأكل السيئة في مرحلة الطفولة حتى مرحلة البلوغ، ما يتسبب في مشاكل صحية وعلاقات صعبة مع الطعام. من خلال تعليم الأطفال عن الأطعمة الصحية والمفيدة لصحتهم عندما يكونون صغاراً، يمكنك إعدادهم لحياة صحية مدى الحياة. اختصاصيو التغذية، ينصحونك بالبدء في تعليم الأطفال عادات الأكل الجيدة، كما يدرجونها في "مطبخ سيدتي".
دبي - لينا الحوراني
-
عادات الأكل الصحية ونصائح
يخدم الطعام العديد من الأغراض. فقد يكون لذيذاً وممتعاً وذا أهمية ثقافية، كما يوفر تناول الطعام مع الأحباء فرصاً للترابط والتقارب. لكن الطعام أيضاً علم. والأطفال يحتاجون إلى أطعمة صحية ــ مليئة بالفيتامينات والمعادن ــ بالكميات المناسبة، لمساعدتهم على النمو، فالطعام، حسب رأي الاختصاصيين، هو النوع الأول من الدواء. يحتاج الأطفال إلى تغذية جيدة للعيش والنمو والتمتع بالصحة. ولكن أنواع التغذية غير الكافية أو غير السليمة يمكن أن تؤدي إلى السمنة في مرحلة الطفولة وارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري ومشكلات أخرى بمجرد بلوغ سن الرشد، يمكن أن تساعدك هذه النصائح على تعليم أطفالك عادات الأكل التي ستؤهلهم لمستقبل صحي وعلاقة إيجابية مع الطعام.
-
حددي مواعيد تناول الوجبات العائلية
يصبح الأطفال أفضل مع الالتزام بالروتين، لذا حاولي تناول الطعام معاً كعائلة وتقديم الوجبات والوجبات الخفيفة للأطفال في نفس الوقت تقريباً كل يوم إذا أمكن. بهذه الطريقة، يكون الأطفال أقل عرضة للأكل المفرط. كما أنه وقت جيد لتعليمهم عادات الأكل الصحية وآداب المائدة، كما أن تناول الطعام مع الأسرة مفيد للأغراض الاجتماعية والعاطفية والتنموية، وتناول الوجبات معاً هو فرصة لتعليم الأطفال كيفية تناول حصص الطعام. على سبيل المثال، يمكنك أن توضحي لهم أن نصف أطباقنا يجب أن تكون من الخضروات غير النشوية وبعض الفاكهة، لذلك حددي مدة الوجبات بشكل معقول، ولا يقل عن 30 دقيقة. يمكنك أيضاً ضبط مؤقت لتعزيز هذا التوقع ومساعدة الأطفال على التركيز أثناء تناول الوجبات.
-
قدمي لهم وجبة الإفطار
هل وجبة الإفطار هي حقاً أهم جزء من اليوم؟ هذا ما اختلف عليه الخبراء، حيث تنوعت الدراسات حول أهميتها، حسناً، وجبة الإفطار للأطفال مهمة للغاية، ولكن تناول وجبة إفطار صحية يمنح طفلك الطاقة التي يحتاجها لاجتياز اليوم وتساعده على النمو والتطور بشكل سليم. لا يلزم أن تكون وجبة الإفطار كبيرة أو معقدة، بل مجرد شيء مغذٍ لتنشيط أجسامهم وتغذية عملية التمثيل الغذائي لديهم طوال اليوم، ولا تقلقي بالتأكيد بشأن فكرة تحضير وجبة إفطار أنيقة من الصفر كل صباح. بدلاً من ذلك، يمكنك اللجوء إلى أفكار إفطار سهلة ومناسبة للأطفال ومعتمدة من أخصائيي التغذية، مثل خبز القمح الكامل مع زبدة الفول السوداني الطبيعية أو الزبادي اليوناني العادي المرشوش بحبوب الإفطار الغنية بالألياف ومنخفضة السكر وحفنة من الفاكهة.
-
اشركي الأطفال في التخطيط للوجبات وإعدادها
مثلنا جميعاً، يحب الأطفال أن يكون لهم رأي فيما يفعلونه، وإعطاؤهم الخيارات يجعلهم يشعرون بالاستقلالية والاستثمار. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها السماح لهم بالمشاركة في إعداد وجبات الأسرة والوجبات الخفيفة:
- اصطحبيهم إلى متجر البقالة. وأعطيهم خيارات بسيطة، مثل "هل تريد شراء تفاح أحمر أم تفاح أخضر؟".
- اطلبي منهم اختيار نوع الطعام. واسمحي للأطفال من حين لآخر باختيار نوع الخضار الذي يرغبون في تقديمه على العشاء. إن الشعور بالفخر الذي يشعرون به نتيجة مساعدتهم في تحضير الخضار قد يزيد من رغبتهم في تناولها.
- أعطيهم مهام صغيرة. يمكن للأطفال المساعدة في مسؤوليات المطبخ المناسبة لأعمارهم، مثل خلط المكونات، أو غسل الفواكة والخضروات، أو تقشير البطاطس.
-
عالجي مشكلة الأكل الانتقائي في وقت مبكر
قد يبدو التعامل مع تفضيلات الأطفال الغذائية الانتقائية أمراً مستحيلاً تقريباً، ولكن مع الإصرار والصبر، يمكنك القضاء عليها منذ بدايتها، ومبكراً.
استمري في تقديم مجموعة متنوعة من الأطعمة أثناء الوجبات لتشجيع الاستكشاف والسماح للطفل بالتجريب. ودعيهم يختارون من بين ما هو موجود في طبقهم، حتى لو اختاروا شيئاً واحداً أو اثنين فقط. ولكن لا تحضري وجبات منفصلة للأطفال الذين يصعب إرضاؤهم. "أنت لست طاهية سريعة،" لذلك اتخذي قراراً بشأن ما ستقدمينه، والتزمي به. إذا طلب طفلك شيئاً آخر، يمكنك أن تشرحي له أنه ليس على قائمة الطعام لهذا اليوم ولكن اعرضي عليه تحضيره في ليلة أخرى.
بالنسبة لطفلك في مرحلة الروضة وما فوق، يجب أن يجرب ثلاث قضمات على الأقل من الطعام، فقط لإعطائه فرصة. وحتى في هذه الحالة، سيحتاج إلى تجربة الطعام 15 مرة أو أكثر قبل أن يتمكن من القول إنه لا يحبه حقاً. في بعض الأحيان، يكون الأمر مجرد تجربة وخطأ في معرفة ذوقه.
هل تتلافين الأسباب التي تجعل من الصعب إرضاء الطفل لتناول الطعام؟
اكتشفي: كيف تعلمين طفلك غسيل الأطباق في المطبخ؟
-
اقرئي ملصقات التغذية مع أطفالك
عندما تتحدثين عن السماح للأطفال بالمشاركة، يمكنك تحويل رحلات التسوق العائلية إلى دروس تعليمية حياتية، وكأنها مغامرات، فعندما تذهبون إلى المتجر معاً، يمكنكم عرض أنواع مختلفة من الأطعمة عليهم وتعليمهم كيفية قراءة ملصقات التغذية، كما يمكنك مراجعة المكونات المختلفة معهم والتحدث عن الكربوهيدرات والسكر ومحتوى الدهون - كل ذلك بطرق مناسبة للعمر، بالطبع.
-
اجعلي الماء أولوية في حياتهم
إذا كانت الفرصة الوحيدة المتاحة لطفلك لشرب الماء أثناء اليوم الدراسي تأتي من خلال المرور العابر على نافورة الشرب، فقد يشعر طفلك بالعطش أو حتى الجفاف عندما يعود إلى المنزل - وقد لا يدرك ذلك حتى.
عندما يعود أطفالك إلى المنزل من المدرسة، اطلبي منهم شرب بعض الماء بدلاً من تناول وجبة خفيفة على الفور، وإذا لم يحصلوا على ترطيب كافٍ، فقد يظن الأطفال أحياناً أنهم جائعون بينما هم في الواقع عطشى.
-
لا تكثري من الوجبات الخفيفة
إن تناول الوجبات الخفيفة يعد هواية عند الأطفال، ولكنها ليست طريقة صحية لقضاء الوقت. لغرس عادات تناول الوجبات الخفيفة الصحية، حاولي تعليم الأطفال عدم تناول الوجبات الخفيفة بسبب الملل.
يمكن أن تكون الوجبات الخفيفة صحية ومغذية ونستمتع بها لأن مذاقها جيد، ولكن لا ينبغي لنا تقديمها للأطفال فقط لأننا لا نملك أي شيء آخر لنفعله. بدلاً من ذلك، املئي هذا الوقت بأنشطة أخرى مفيدة للنمو والتطور.
-
شجعيهم على الأكل بوعي
هل تعرفين العبارة "توقف واستنشق رائحة الورود"؟ نفس الفكرة تنطبق على الطعام. علمي طفلك أن يأخذ الوقت الكافي للاستمتاع بمذاق طعامه وملمسه وأحاسيسه، حتى يتمكن من تقدير التجربة والوقت اللذين يقضيهما في الأكل، وهذا ما يسمى بالأكل الواعي.
عندما تعطين طفلك قطعة من التفاح، يمكنك أن تقولي له على سبيل المثال:"انظر إلى هذا اللون الأحمر الجميل. هل ترى مدى قرمشته؟". فهذا يحفزه على تحليل الطعام وتقديره، وهو ما يساعد أيضاً في تقليل فرص الإفراط في تناوله. فعندما يتناول الأطفال الطعام، وهم معتادون بالفعل على ملاحظة نكهات وملمس كل قضمة والاستمتاع بها، فمن المرجح أن يأكلوا ببطء أكثر وأن يدركوا متى يشعرون بالشبع.
-
علّميهم التعرف إلى إشارات الجوع والشبع
عندما نتحدث عن الأكل الواعي، فمن المهم لنا جميعاً، حتى الأطفال، أن يتعلموا كيفية التعرف إلى إشارات الجوع والشبع الداخلية، ذلك أن الأطفال الأصغر سناً، مثل الأطفال الصغار، يتمتعون بقدرة كبيرة على تنظيم أنفسهم. فهم يتناولون الطعام حتى يشبعوا تماماً. وتشجيعهم على تناول كمية أكبر أثناء جوعهم قد يؤدي في الواقع إلى ظهور نمط من الإفراط في تناول الطعام في مرحلة الطفولة، لذا، لا تصري على أن يأكل الأطفال أطباقهم، من دون أن يتركوا لقمة، من أجل الحصول على الحلوى. حيث لا توجد كمية سحرية تحدد كمية الطعام التي يحتاجون إلى تناولها للحصول على الحلوى.
-
شجعي طفلك على تناول الوجبات الخفيفة الصحية
عندما تمنعين طفلك تماماً من تناول طعام معين، فإنك بذلك تخاطرين بجعله أكثر اهتماماً بهذا الطعام، ومن ثم من المرجح أن يفرط في تناوله كلما سنحت له الفرصة. بدلاً من ذلك، اتبعي نهجاً متوازناً من خلال تشجيعه على تناول كميات أصغر من الطعام والوجبات الخفيفة الصحية.
يمكنك أيضاً أن تكوني قدوة في عادات الأكل الجيدة من خلال الأطعمة التي يراك طفلك تتناولينها. على سبيل المثال، لا بأس من الخروج لتناول الآيس كريم مع الأطفال، ولكن يمكن لكل فرد في الأسرة طلب الحجم المناسب للأطفال، واختيار الزبادي المجمد مع الشوكولاتة الداكنة بدلاً من البسكويت والفدج الساخن. أي ابحثي عن طرق لدمج هذه الأطعمة من حين لآخر، وسيتبع أطفالك نهجاً أكثر صحة في تناولها.
-
قومي بإجراء تبديلات صغيرة ولكنها مهمة
إن تعليم الغذاء الصحي للأطفال من خلال تناوله معهم لا يعني أنه لا يمكنك تناول الطعام خارج المنزل أبداً - حتى في مطاعم الوجبات السريعة. ولكن ابحثي عن فرص لموازنة اختياراتك الغذائية غير الصحية مع اختيارات أكثر ذكاءً وصحة. "كل شيء باعتدال"، كما يقول المثل القديم، فإذا كنت تتناولين شيئاً غير صحي، ففكري في كيفية موازنة ذلك، يقترح الخبراء البحث عن بدائل بسيطة وصحية، مثل استبدال البطاطس المقلية بشرائح التفاح، والصودا بالحليب، والخبز الأبيض بالقمح الكامل وما إلى ذلك.
-
كوني قدوة حسنة
إذا كان التقليد هو أصدق أشكال الإطراء، فيجب على الآباء أن يعتبروا أنفسهم متملقين بشكل جدي. يتعلم أطفالك العادات والقيم التي تمثلها لهم، لذا تأكدي من أنك توضحين لهم أساليب الحياة التي تريدين منهم تقليدها.
لذلك يعتبر التمتع بصحة جيدة كعائلة أمراً بالغ الأهمية. إذا كنت تريدين أن يتبنى أطفالك عادات صحية، فيتعين عليك كأم أن تتبني هذه العادات أيضاً، دعي أطفالك يرونك وأنت تجربين مأكولات جديدة، وتطبخين وجبات الطعام في المنزل، وتتسوقين لشراء أطعمة صحية، وتمارسين الحركة والتمارين الرياضية.
أضف تعليق